بشّر النّبي صلّى الله عليه وسلّم أصحابه في غزوة الخندق بحدثٍ عظيم ألا وهو فتح مدينة القسطنطينيّة، وقد ذكر النبّي عليه الصّلاة والسّلام بأنّها ستفتح على يد رجل وقد نعته بنعم الرّجل ونعم الجيش الذي يقوده، وقد تلقّى المسلمون بشارة النّبي الكريم بكثيرٍ من الفرح والسّرور لما كانت تمثّله مدينة القسطنطينية من أهميّة كبيرةٍ حيث كانت عاصمة الدّولة البيزنطيّة التي عادت المسلمين لفترات طويلةٍ من الزّمن، وقد أسّس مدينة القسطنطينيّة الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الأوّل عام 330 ميلاي وله نسبت، وقد عني بهذه المدينة عناية فائقة فشيّد فيها العمران حتّى أصبت حاضرة الدّولة البيزنطيّة، ولما تمتعت به مدينة القسطنطينيّة من موقع جغرافي مهمّ حيث تقع على مضيق البسفور وتتوسّط بين قارتي أسيا وأوروبا، إلى جانب مدح النّبي عليه الصّلاة والسّلام للرّجل الذي تفتح على يده هذه المدينة وكذلك مدحه للجيش الذي يفتحها، فقد تطلّعت لذلك نفوس القادة العرب إلى إرسال الجيوش لفتح هذه المدينة المحصّنة، فحاول معاوية بن أبي سفيان عام 34 للهجرة إرسال جيوش إليها وكذلك فعل ابنه يزيد بن أبي سفيان، ثمّ حملةً أخرى أيّام سليمان عبد الملك ثمّ الخليفة العباسيّ هارون الرّشيد، واستمرت المحاولات الإسلاميّة لفتح هذه المدينة ولعدّة مرّات إلاّ أنّها لم تتكلّل بالنّجاح إلا على يد أحد السّلاطنة العثمانيّين ويدعى محمّد الفاتح الذي حاصر تلك المدينة وأطبق عليها الحصار حتّى فتحها عام 1453 ميلادي، وقد سارع السّلطان محمّد الفاتح على تغيير اسمها إلى مدينة الإسلام أو إسلامبول أو الاستانة، وقد حرص السّلطان محمّد الفاتح على بقاء تلك المدينة عاصمةً للدّولة الإسلاميّة وعامل فيها النّصارى معاملة حسنة بعكس ما يورى في كتب بعض المستشرقين من أنّه استرق النّصارى فيها وتمّ بيعهم، وفي نهاية عهد الدّول العثمانيّة جاء مصطفى كمال أتاتورك ليغير اسم المدينة إلى اسطنبول بسبب نزعته القوميّة حينئذ.
وتعتبر مدينة القسطنطينيّة أو مدينة اسطنبول من المدن الزّاهرة عبر التّاريخ، حتّى قيل فيها أنّه لو تصوّر الإنسان أنّ العالم كان مملكةً واحدة فلن تكون هناك عاصمة أصلح لهذا العالم من اسطنبول، كما توجد فيها عددٍ من المعالم التّاريخية منها كنيسية آيا صوفيا التي تعدّ من إرث الكنيسة الشّرقية قديمًا، ومدينة اسطنبول هي العاصمة السّياسيّة لتركيا، كما أنّها تعتبر من المدن السّياحيّة التي تستقطب الكثير من السّياح عبر العالم لزيارتها والتّعرف على حضارتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق